القائمة الرئيسية

الصفحات

مقاربات نظرية حول مصطلحات البحث في شعرية الخطاب دواوين نادية نواصر

مقاربات نظرية في دواوين نادسة نواصر 


هذا و نجد ناقدا آخر اتّجه وجهة بنيوية في تحديده لمجال الشعرية وهو جان كوهن حيث ربط مجال الشعرية بالبنية الشكلية الظاهرية للكتابة، ويرى أنّ قيمة الشعرية تتجلّى من خلال الخرق والانزياح للقول العادي ويتجسد هذا خاصة في الاستعارة، التقديم، التأخير...الخ، ويوضح كوهن الصورة التي يكون بها الانزياح من خلال تعريفه للأسلوب إذ يقول:" هو كل ما ليس شائعاولا عاديا ولا مطابقا للمعيار العام المألوف"[1]، فاللذة الشعرية عنده تكمن في الخرق وإعادة البناء، نلتمس من هذا أن هناك علاقة وثيقة بين الشعرية والبنيوية، وذلك لعدم وقوف الشعرية عند الجانب السطحي للنص بل تتجاوزه لتتعمق فيه وتبرز مواطن الحسن والجمال فيه، أي أنّ الشعرية عند كوهن "اتجاهين يمثلّ الأوّل الأصول أي أنّ الشعرية علما موضوعه الشعر، والثاني يمثل نتيجة تلك الأصول بوصفه للشعرية أنّها انزياح"[2].

ومن هنا يمكن القول أننا لا نستطيع أن نضع مفهوما دقيقا للشعرية، ولا يمكن كذلك ـ إن صح القول ـ أن نحدد موضوعها، وذلك راجع لاختلاف النقاد في حدّ ذاتهم حول هذا الموضوع، فرغم التواضع على المصطلح:la poétique، إلا أنّ هذا لم نره في تحديدهم لمجالها وموضوعها، فهناك من يراها في الشعر وآخر يتجاوز الشعر إلى الفنون الأخرى.

وهكذا وجدت الشعرية دافعا قويا استقته من الفكر البنيوي، قام على تأسيسها، كما وجد الفكر البنيوي المجال الأمثل في الشعرية للممارسة الأدبية، وإلى جانب هؤلاء النقاد نجد رجلا آخر قد خاض في مجال الشعرية ليضع بصمته هو الآخر حول هذا المصطلح الذي غزا الساحة النقديةبظهوره،وهو الناقد الفرنسي ذوالأصل الروسي تزفيتان تودوروفالذي أحدث حركية كبيرة في مجال الشعرية من خلال كتابه:(الشعرية).



[1]- جان كوهن، بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري، دار توبقال، ط1، الدار البيضاء، 1986، ص15.

[2]ـ حسن ناظم: مفاهيم الشعرية، ص16.


يرى أنّ الأدب هو استعمال خاص للّغة موضحا ذلك بقوله:" ليس العمل الأدبي في حد ذاته هو موضوع الشعرية، فما تستنطقه هو خصائص هذا الخطاب النوعي، الذي هو الخطاب الأدبي[1]، فحسب رأيه: إذا كان الأدب لغة، فإنّ البحث عن خصائصه وبنيته هو الوظيفة التي يقوم بها النقد، وذلك بتحديد الوحدات المكوّنة لهذا الأدب، وإبراز وظيفة العلاقات بين هذه الوحدات، ومن هنا تنحو شعرية تودوروف "إلى معرفة القوانين التي تنظم ولادة كل عمل"[2]

ويرى كل من تودوروف وجيرار جينيت أنّ شعرية الأدب ليست مستقلّة عن العلوم الأخرى، باعتبار الأدب موضوعا لكثير منها، ومن هذه العلوم نجد البلاغة لأنّها هي الأخرى تدرس الخطاب الأدبي وتشتغل عليه، فالشعرية ليست التأويل الصحيح للعمل الأدبي، بل أنّ اهتمامها ينصبّ على توليد نصوص أخرى من قراءات ثانية للخطاب الأدبي، وذلك لخلق عدد كبير من النصوص الشعرية، وما الشعرية إلّا امتزاج للّغة مع ذاتها، لتبني لنفسها علاقة واعية تمكّنها من أدائها للوظيفة الشعرية. ويرى تدوروف أنّه لكي يُؤسس لاستقلالية الشعرية يجب قبلها إثبات وجود خصائص أدبية ونوعية تميز هذا الأدب. وكما قلنا سابقا أنّ مصطلح الشعرية عند الغرب لم يعرف اختلافا كبيرا، بل إنّ كل الاختلاف جاء في وضع مفهوملها، وهنا نرى تدوروف يحاول أن يزيح هذا التناقض بين الشعرية كلفظة وبين مفهومها. وأغلب المراجع التي تناولناها حول الشعرية لاحظنا فيها أنّتدوروفحصر مفهوم الشعرية في ثلاثة مدلولات، هدفت كلها إلى بناء نظرية أدبية وكانت كالتالي:

  ـ "لكلّ أدب نظرية داخلية.



[1]- تزفيتان تودوروف، الشعرية، ترجمة:: شكري المبخوت ورجاء بن سلامة، ط2، دار توبقال، الدار البيضاء، 1990، ص23.

تعليقات

التنقل السريع