القائمة الرئيسية

الصفحات

مقاربات نظرية حول مصطلحات البحث - شعرية الخطاب في دواوين نادية نواصر

الأخذ بإمكانية معينة أي على المؤلف أن يختار طريقة ما يكتب بها.

تتصل الشعرية برموز معيارية تتخذها كل مدرسة أدبية ما مذهبا لها، وتشمل مجموعة القوانين التي تستخدم إجباريا.

دواوين نادية نواصر 



لكنه اهتمّ أكثر بالمدلول الأول، وبهذا تكون الشعرية مشكّلة في الأعمال المحتملة وليس الموجودة من خلال القوانين التي تسمح بتفسير هذا الممكن ونختم مسيرة حديثنا عن الشعرية الغربية برائد آخر، وهو جيرار جنيت"الذي جمع بين ماضي الشعريات وحاضرها"[1]، ورأيناه كأنه يؤرخ ـ إن صح القول ـ للشعرية عبر كتبه، فهو يحرّك مصطلح الشعرية في كل كتاب حسب كلّ عصر وثقافته، ففي كتابه )الصور ( figuresيرى أن الشعرية هي طريقة من طرائق الخطاب، فهي لا تقتصر على بعض الكلمات أو العبارات، بل تبحث عن الصورة الشعرية في البنية الكلية التامة للنص، ويركز هنا كذلك بشعرتيه على "كيفية تشكل الحكي فيها"[2].

أمّا عن الشعرية في (النص الجامع l’architexte) نجد جينيت قد وسّع من مفهوم الشعرية، فهي هنا البحث في قوانين الخطاب الأدبي، وقد وسع جنيت من موضوعها لتشمل كل الأجناس الأدبية ( مسرح، شعر، قصة، رواية...).

وبما أنّ الشعرية تتميز بالحركية والتحول مفهوما ومصطلحا، فإنّنا نجد جيرار جينيت يربط من خلال الشعرية كل نص بما يحيطه من نصوص أخرى لها علاقة فيما بينها، وهذا ما يعرف بالتناص، لكن جينيت لم يركّز على هذا العنصر فقط، بل حدّد هذه العلاقة من خلال خمسة أنماط وهي: التناص، المناص، الميتانص، النص اللّاحق والنص الجامع، وهذا ما يعرفبالمتعالياتالنصية، وهذا ما يعرف بالمتعاليات النصية وهذا كله نجده مجسدا عند جينيت في

[1]- عبد الحق بلعابد: عتبات ( جيرار جينات من النص إلى المناص )، منشورات الاختلاف، ط1، 2008، الجزائر، ص25.

[2]- المرجع نفسه، ص25.


كتابه "أطراس"palimpsestesوقد وسع فيه كما رأينا في الجهاز المفاهيمي للشعرية. ليأتي جينيت مرة أخرى ويوسع في هذا المصطلح في كتابه عتباتseuilsوخاصةببحثهفي المتعاليات النصية أوـ إن صحّ القول ـ "الماورائيةالنصية"[1] كما أطلق عليها، وقد ركز جنيت كثيرا على إحدى هذه المتعاليات وهي المناص باعتباره يشهد حركية دائمة ومتواصلة في عالم النقد.

يمكن القول من خلال ما سبق أنّ مشروع الشعرية عند جيرار جينيت واسع وفي حركية دائمة، وهي "دائما في خلق معرفي ومنهجي جديدين"[2].وهكذا حملت الشعرية عند جينيت مصطلحات مفاهيمية أخرى، تجاوز من خلالها النص الحاضر والتي رأينا منها التناص، المناص، الميتانص...الخ.

2-الشعرية العربية


قبل الحديث عن مفهوم الشعرية العربية، وتطورها في النقد العربي، ربّما وجب علينا أوّلا أن نقف عند مصطلح الشعرية في دلالته اللّغوية، أي وروده في بعض معاجم وقواميس اللّغة العربية.

مصطلح الشعرية في أصله اللّغوي مشتقّ من الجدر الثلاثي: شعر، وإذا عدنا إلى المعاجم القديمة نجد هذا الجدر يحمل عدة معان؛ فقد جاء في معجم مقاييس اللّغة أنّ"الشين والعين والرّاء أصلان معروفان، يدلّ أحدهما على ثبات والآخر على علْم وعَلَم...والأصل قولهم شعرت بالشيء إذا علمته وفطنت له"[3].

[1]-  محمد خير البقاعي: دراسات في النص والتناصية، مركز الإنماء الحضاري للنشر، ط1، حلب، 1998، ص128.

[2]- عبد الحق بلعابد: عتبات( جيرارجينيت من النص إلى المناص)، ص27.

[3]- أحمد بن فارس مقاييس اللّغة، الجزء3، تحقيق: عبد السلام هارون ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، د/ب، 1979، ص193، 194.


ولم يبتعد لسان العرب عن هذه المعاني، فنجد فيه:"شَعَرَ بمعنى عَلمَ...وليث شعري أي ليث علمي...وقال الأزهري الشعر القريض المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أشعار وقائله شاعر لأنّه يشعر بما لا يشعر غيره، أي يعلم وسمي شاعرا لفطنته"[1].

وبقولنا سابقا أنّ الشعرية بحث في قوانين الخطاب الأدبي، فإنّنا نجد أنّ هناك علاقة بين هذا المفهوم الاصطلاحي ومفهومها اللّغوي باعتبار وجود قوانين ومعالم تضبط الشعر وتقوّمه، والشعر بدوره صنف من أصناف الخطاب له قوانين وضوابط محدّدة.

هذا بالنسبة لمصطلح الشعرية في دلالته اللّغوية، أمّا إذا انتقلنا إلى الدلالة الاصطلاحية واجهتنا عدة عقبات في تحديد هذا المصطلح وكذا مفهومه، وذلك نظرا للخلاف بين النقاد العرب في ترجمته وتحديد موضوعه. وقبل أن نتحدث عن مصطلح الشعرية حديثا، ومفهومه عند النقاد المعاصرين يجب أن نتطرق أولا إلى الشعرية في تراثنا النقدي العربي القديم، والذي يمثل بحق أصالة الشعرية بل أصالة اللغة في الخطاب بكل أنواعه، وخاصة الشعر الذي كان أنموذجا مثاليا لهذا الخطاب.

إذا كانت الشعرية الغربية قد انطلقت من اليونان وبالضبط مع أرسطو فإنّ الشعرية العربية كانت مع عديد من النقاد من أمثالقدامة بن جعفر، ابن سلّام الجمحي وأبي نواس،...

ولقد كان البحث عند هؤلاء مرتكزا على القرآن الكريم وسرّ إعجازه؛ إن كان في اللفظ أو المعنى وكلّ يبرهن بالحجج، إلى أن جاء عبد القاهر الجرجاني ونظريته في النظم، وجمع بين اللفظ والمعنى وأنّ سر الإعجاز يكمن في علاقة اللفظ بالمعنى.

فشعرية الجرجاني أو نظمه تقوم على ضرورة مراعاة العلاقات بين اللفظة وجارتها داخل كلّ تركيب، فاللفظة لا يُفهم معناها إلاّ من خلال التركيب الذي وردت فيه، وفي ضوء هذه العلاقات يكون الطريق إلى استنباط القوانين الإبداعية. وقد أشار أدونيس في كتابه(الشعريةالعربية) إلى شعرية الكتابة عند الجرجاني فيقول:"النظم هو الأساس في الكشف عن شعرية الكتابة أو النص...فالنظم هو سر الشعرية والمجاز هو سر النظم."[1]

نذكر كذلك وبإيجاز ما جاد به حازم القرطاجنّيفي هذا المجال وذلك من خلال تأثره بالفلسفة اليونانية، ونرى ذلك في تعريفه للشعر بأنّه:" كلام موزون مقفى من شأنه أن يحبب إلى النفس ما قصد تحببه إليها ويُكرِّه إليها ما قصد تكريهه، لتحمل بذلك على طلبه أو الهرب منه ، ومحاكاة مستقلة بنفسها أومتصورة بحسن هيأة تأليف الكلام أو قوة صدقهأو قوة شهرته"[2]،نلاحظ على هذا التعريف أنّه جمع بين الرؤية العربية والرؤية اليونانية للشعر؛ فالأولى تتجسد في كونه موزونا مقفّى أمّا اليونانية فتتمثل في تأثره بنظرية المحاكاة لأرسطو.

ونراه في موضع حديثه عن الشعرية يقول:"وليس ما سوى الأقاويل الشعرية في حسن الموقع من النفوس مماثلا للأقاويل الشعرية، لأنّ الأقاويل التي ليست بشعرية ولا خطابية ينحو بها نحو الشعرية لا يحتاج فيها إلى ما يحتاج إليه في الأقاويل الشعرية إذ المقصود بما سواها من الأقاويل إثبات شيء أو إبطاله أو التعريف بماهيته وحقيقته"[3]،يركز حازم هنا على المتلقي وذلك من خلال تأثير الخطاب الشعري في نفسيته، وهذا دور الشعر عنده أي جعل المتلقي يحب الشيء أو يكرهه وبهذا نرى أنّ مفهوم الشعرية عند القرطاجنّي يقترب من مفهومها العام، من خلال إرسائه لقواعد الشعر وقوانينه التي تتحكم في عملية الإبداع.

أمّا الدراسات الحديثة فقد تناولت الشعرية بآراء ومصطلحات ومفاهيم مختلفة، وذلك راجع لتعدد وجهات النظر عند النقاد، وكثرة الترجمات ناتج عن اتساع مصطلح الشعرية في حد ذاته وكذلك ارتباطه بالشعرية الغربية، كما أنّ الشعرية العربية وسّعت من مجال دراستها ليشمل أنواع الخطاب الأدبي، في حين أنّ الشعرية القديمة انحصرت في دراسة صناعة الشعر وقوانينه.

في أواخر القرن العشرين انبهر الأدباء العرب بالمناهج العلمية الغربية الحديثة، والتي شهدتها مختلف الميادين بما فيها الأدب، حيث حاولوا تطبيقها عليه فنتج عنها نظريات وعلوم جديدة  كاللّسانيات وأثرها على الشعرية الغربية، ونتيجة للتأثر العربي بالغرب، انعكس هذا التأثر على الشعرية العربية، فظهرت العديد من المؤلّفات التي حاول من خلالها النقاد تحديد مفهوم الشعرية وقوانينها، وحتى نحدّد ملامح الشعرية العربية الحديثة سنحاول الوقوف عند نظرة بعض النقاد العرب لها وكيفية دراستهم لموضوعها:

2-1- شعرية أدونيس

يعتبر أدونيس من أبرز النقاد الذين اهتموا بموضوع الشعرية وقد تجلى هذا بوضوح في كتابه (الشعرية العربية)حيث تناول فيه الشعرية الشفوية الجاهلية ( سماع، إعراب، وزن...) وأثرها في النقد، كما تطرّق لعلاقة الشعرية بالنص القرآني، وبنية النص الإعجازية فيقول:"هكذا كان النص القرآني تحولا جذريا وشاملا: به وفيه، تأسست النقلة من الشفوية إلى الكتابة"[4]، كما أشار إلى علاقة الشعرية بالحداثة، حيث بحث عن أصل هذا المصطلح في الثقافة العربية، وقد نتج عن هذه الحداثة في عصر النهضة عند العرب تبعية

مزدوجة؛ فالأولى كانت للماضي من خلال إحياء القديم، والثانية تبعية للغرب، من أجل تعويض النقص ولهذا فإن "مسألة الحداثة الشعرية في المجتمع العربي تتجاوز حدود الشعر بحصر المعنى، وتشير إلى أزمة ثقافيةعامة هي بمعنى ما أزمة هوية."[5]وبالعودة إلى شعرية أدونيس نجدها تتجسد في مراحل من العصر الجاهلي إلى الحديث وبمفاهيم مختلفة.

2-2/ شعرية كمال أبو ديب:ي

بدو الأثر الغربي في شعرية كمال أبو ديب جليا في بعض مؤلفاته، من خلال تحديده لمفهوم الشعرية وموضوعها، ونلاحظ هذا في كتابه (في الشعرية)،حيث يرى أن الشعرية لا تكمن في اللفظة الواحدة منفردة،وإنما تكمن في النص كبنية متجانسة مكونة من مجموعة أجزاء مترابطة فيما بينها، والتي تساهم في إنتاج الشعرية، وهنا تكمن الخلفية البنيوية في رؤية أبو ديب للشعرية:"إذ لا يعتبرها خاصية في الأشياء ذاتها بل يراها في طريقة تموضع تلك الأشياء في بناء من العلاقات"[6]، نرى في هذا التعريف تركيزا على أهمية العلاقات بين مكونات الإبداع الأدبي، فالشعرية لا تميز اللفظة وهي منفردة، وإنما في النص كبنية كلية متجانسة، مكونة من مجموعة أجزاء مترابطة فيما بينها، إن الجديد في رؤية كمال أبو ديب للشعرية يكمن في اعتباره لها"إحدى وظائف الفجوة، أو مسافة التوتر"[7]، والفجوة أومسافة التوتر في معناهما العام خروج الإبداع عن كل ما هو متوقع من طرف القارئ وهو ما يسمى خيبة أفق القارئ، والفجوةمسافة التوتر عند أبو ديب لا تتشكل من البنية اللغوية فحسب"بل هي خاصية فنية ضرورية لتمييز التجربة الفنية عن التجارب العادية اليومية"[8] بل تتدخل فيها مجموعة من الأنماط والتصورات التي ينطلق منها أي مبدع، والتي يظهر أثرها لا محالة في النص وشعريته.

 وتتجلى تلك الأنماط في مستويات متعددة للبنية اللغوية، وأبرزها:"الإيقاعية، التركيبية،الدلالية، التصويرية والموقفية"[9]والشعرية في النص تتشكل من تآلف هذه المستويات فيما بينها، وهنا تبرز الخلفية اللسانية التي استند إليها أبو ديب في كتابه، ويظهر كذلك تأثره بشعرية كوهن التي تمثل الانزياح، وقد اعتبره أبو ديب وسيلة هامة لإنتاج الشعرية فيرى في هذا الصدد:" أنّ الشعرية لا ينتجها استخدام الكلمات بأوضاعها القاموسية المتجددة بل يسهو في إنتاجها الخروج بتلك الكلمات عن طبيعتها الراسخة وهذا الخروج هو خلق لما يسميه الفجوة:مسافة التوتر"[10] فنلاحظ هنا أن الشعرية هي الخروج باللغة عن طبيعتها التواصلية إلى مستوى جمالي فني.

2-2/ شعرية عبد الملك مرتاض:

اعتمد عبد الملك مرتاض في حديثه عن هذا المصطلح على التراث العربي القديم، منطلقا في ذلك من مقولة الجاحظ المشهورة (المعاني مطروحة في الطريق)، ويرى أن الأدبية تكمن في الفرق بين القارئ العادي والقارئ المحترف/ الناقد؛ فالقارئ العادي حسبه هو كل قارئ للأدب دون الوصول إلى درجة النقد، أي أنه يحس بأدبية النص دون البحث في العناصر التي شكلت تلك الأدبية، أما القارئ الناقد فهو الذي يبحث في الخصائص التي شكلت تلك الأدبية ومدى تأثيرها في النص الأدبي، أما عن إشكالية المصطلح فقد خصص لها عدة كتب أبرزها (النص الأدبي من أين؟ وإلى أين؟).

 ويرى أن مصطلح(la poètique) هو مصطلح لساني جديد لم تجد له العربية بعد مقابلا مقبولا، والملاحظ لتحليل مرتاض لهذا المصطلح يدرك أنه تخلى عن التعريب البويتيك إلى الترجمة(الشعرية)،ومن هنا سندرج بعض الأقوال تحيلنا على رؤية الشاعر لمصطلح الشعرية منها قوله:" ونحن نحسب أن كثيرا من الآثار الشعرية التيتندرج تقليديا تحت هذا العنوان ليس لها من الشعرية (والشعرية هنا ليست بمعنى البويتيك وإنما هي بمعنى اشتمالها على روح الشعر ومعاييره التقليدية"[11]، ومن هنا نستخلص أن  الشعرية -حسب مرتاض- لا تعني البويتيك ولا تطابقها تماما، وقد استخدم مرتاض مصطلح (الشاعرية) أيضا بدل (الشعرية) في عدة مواضع كقوله:" فلفظ الصبح مثلا من الألفاظ الشعرية حتما، ولكننا لو استخدمناه في جملة مبتذلة عادية كأن نقول (جاء الصبح) لما حمل من الشاعرية شيئا إلا هذا النور الذي نلمحه في مدلوله، ولكننا لو أسبقناه باسم وشبهناه به ثم أضفينا عليه وصفا لدخل معجمالشاعرية من بابها العريض"[12]، نخرج من هذا القول أن الشعرية=الشاعرية على الأقل في كتابه هذا، وباعتمادنا على هذا الكتاب نلاحظ أن عبد الملك مرتاض يعتمد على التعريب أي انه يقابل مصطلح(La Poètique) بـ (البويتيك) انطلاقا من قوله:"اسم (La Poètique) هو مصطلح ألسني جديد لم تجد له العربية بعد معادلا مقبولا، أن ترجمته بالإنشائية أو الشعرية لا يعني كبير شيء فـ(البويتيك) عند جاكبسون هو وظيفة اللغة الفنية للكتابة الشعرية،التي بواسطتها يمكن أن تكون الرسالة عملا فنيا على الرغم من أن البويتيك لا يقتصر على دراسة مشاكل اللغة الفنية للكتابة وإنما يتجاوزها هذا المجال الضيق إلى نظرية الإشارات"[13].

ومن هنا يتبين أن مرتاض قد عدل عن مصطلح البويتيك إلى الشعرية أو الشعريات وكذا الشعرانية، وهذا انطلاقا من كتاباته النقدية المختلفة.

وكخلاصة هنا يمكن القول: إن اللغة الشعرية هي التي تحدد فرادة العمل الأدبي، وتميز طريقة  تشكيل الخطاب من أديب عن الآخر.

3- إشكالية المصطلح في النقد العربي

هذه الإشكالية التي طالما وقع ولا يزال يقع فيها النقاد العرب، وهي إشكالية المصطلح الناتجة عن الترجمة والنقل من اللغة الأجنبية إلى العربية، وقد تجاوزها الغرب مند أن وضع أرسطو مصطلح La Poètique في كتابه(فنالشعر)، وهو المتداول عند الغرب في النقد الحديث، في حين نرى عدة مصطلحات لهذه اللفظة في نقدنا العربي، حيث أن النقاد لم يتفقوا على استخدام مصطلح واحد، فبرزت مشكلة ما يسمى فوضى المصطلح في النقد العربي، أو أزمة المصطلح عند العرب، فتجد مثلا عبد الله الغدامي يترجم كلمة LaPoètique إلى الشاعرية ويعتبرها جامعة بين الشعر والنثر وأن هذا المصطلح يعبر بحق عمّا يُراد بالمصطلح الأصلي في الغرب، وأنهما يحملان التأثير نفسه في المتلقي، ونجده من جهة أخرى ينتقد استخدام مصطلح الشعرية لأنه ـ حسب رأيه ـ يميل بطريقة ما نحو الشعر، في حين نجد حسن ناظم ينقد هذه الترجمة لأنه يعتبر أن:"لفظة الشاعرية لا تملك المؤهلات لتصف اللغة الأدبية فيالشعر والنثر، فهي مشتقة من شاعر وبالتالي تكون أكثرالتصاقابالشعر"[14]، أما الغداميفيبرر استخدامه لمصطلح الشاعرية بقوله:"فالناس اليوم يقولون في وصف الأشياء من حولهم:موسيقى شاعرية، ومنظر شاعري، وموقف شاعري وهم لا يقصدون بذلك الشعر وإنما يقصدون جمالية الشيء وطاقته التخيلية"[15].

ويستند في تحديده لمفهوم الشاعرية إلى جاكبسون من خلال السؤال الذي صاغه: ما الذي يجعل الرسالة اللغوية عملا فنيا؟

وترجم مصطلح ( بويتيك) إلى الإنشائية واعتمد هذه الترجمة أحد أبرز أعمدة النقد العربي عبد السلام المسدّي في كتابه (الأسلوب والأسلوبية)،ولكنه يستخدم كذلك مصطلح الشعرية ويبرر استخدامه بقوله:"ولعل أوفق ترجمة لها (الشعرية) أن نقول الإنشائية، إذ الدلالة الأصلية هي الخلق والإنشاء"[16] فنراه هنا يقر بأن هدف أي نص أو إبداع إنما هو خلق وإنشاء لرؤية معينة إن من المبدع أو القارئ، كما أخد هذا المصطلح عدة تعريبات أوردها حسن ناظم في كتابه مفاهيم الشعرية ومنها البويطيقا، واعتمد هذه الترجمة خلدون الشمعة وهذا المصطلح على حد تعبير حسن ناظم:"تعريب قديم وضعه بشر بن متى في ترجمته لكتاب أرسطو"[17]، وترجم كذلك إلى فن النظم، والفن الإبداعي، وكذلك علم الأدب وهذه ترجمة تناولها جابر عصفور من خلال ترجمته لكتاب عصر البنيوية لصاحبه إديثكريزويل، ولعل أبرز ترجمة اتخذها مصطلح Poétics في النقد العربي هي الشعرية، وقد اعتمدها كثير من النقاد العرب الذين تناولوا الشعرية من جوانبها المختلفة وأبرزهم:أحمد مطلوب، محمد الولي، محمد العمري، رجاء بن سلامة، عبد السلام المسدي، شكري المبخوت من خلال ترجمته لكتاب الشعرية لتدوروف وكذلك سامي سويدان...

وفي الأخير يمكن القول: إن تعدد الترجمات، ورغم تمسك النقاد كل بمصطلحه واقتناعاته، إلا أننا نجدهم من جهة أخرى يدعون إلى ضرورة حل أزمة المصطلح والخروج بمصطلح واحد شاف وكاف للموضوع، ويرى حسن ناظم في هذا السياق الموضوعي للشعرية أنها لفظة كافية للتعبير عم يريده مصطلح La Poètiqueعند الغرب، باعتبارها اُعتمدت كثيرا عند أغلب النقاد وقد رُسّخت أكثر من الترجمات الأخرى.

هذا هو إذن مصطلح الشعرية مفهوما وموضوعا، وإن كنا قد قصرنا في التوسع فيها، إلّا أنّنا قد ألممنا ببعض مفاهيمها عند بعض النقاد الغرب والعرب على السواء، وكيف أن البعض حصرها في الشعر بينما تجاوزه آخرون إلى أجناس أدبية أخرى، باعتبار أن الشعرية تتعلق بالخطاب بشقيّه الشعري والنثري، المهم أنها تبحث في آليات تشكل هذا الخطاب وفي الأسس التي تجعل النص أدبيا يتميز عن باقي النصوص الأخرى، وبهذا تكون الشعرية قد خرجت بالنص الأدبي من دائرة التقوقع حول نفسه، لتجعل منه خلّاقا لقراءات أخرى يكون فارسها القارئ المتلقي.

ثانيا/ الشعر النسوي في الجزائر: هاجس التقاليد والبحث عن الذات:

1/ تطور الشعر النسوي في الجزائر:

إن المتتبع للنشاط الأدبي والسياسي قبل الثورة الجزائرية وبعيد الاستقلال يجد أن دور المرأة كانمنعدما على الصعيدين فقد كانت تعيش انحصارا وانغلاقا والسبب الرئيسي يعود إلى السياسة الغاشمة والمناهضة للغة العربية حيث كانت عاملا أساسيا في تأخر تطور الأدب الجزائري مقارنة بمثيله في المشرق العربي وحتى في تونس والمغرب، وإن كان هناك بعض الإبداع فكان يقتصر على الرجل، حيث لم تكن المرأة سوى رمزا مجازيا في مخيلة الرجل كما يرى الغدامي "فبعد أن سيطر الرجل على كلّ الإمكانات اللغوية وقرر ما هو حقيقي وما هو مجازي في الخطاب التعبيري ولم تكن المرأة في هذا التكوين سوى مجاز رمزي في مخيال ذهني يكتبه الرجل وينسجه حسب دواعيه البيانية والحياتية"[18]، لتصير المرأة هنا مجرد مادة لغوية للحكي لكن الرجل هو الذي يقرر أبعادها المختلفة،كما كان للمجتمع الجزائري دوركبير في شل حركة الوعي الثقافي عند المرأة بسبب ما كان يفرضه من عادات وتقاليد تنبذ وجود المرأة في أي تجمع اجتماعي أو ثقافي، فكانت اللغة الفرنسية حينها المتنفس الوحيد لدى بعض الأديبات اللواتي يقطنّ خارج الوطن على غرار نادية قندوز وآسيا جبّار.

لكن دوام الحال من المحال، لأن بروز الحركة النسائية في المشرق العربي كان لها أثر جد إيجابي على حياة المرأة الجزائرية، حيث مرت نهضة المرأة العربية في العصرين الحديث والمعاصر بتطورات مختلفة شهدتها الحركة الأدبية بداية من الستينيات، حين ظهر إبداع بعض الشاعرات في مصر والعراق والشام، على غرار زينب الفواز، وردة اليازجي، وفي بداية القرن العشرين ظهرت مي زيادة التي دعت بضرورة تحرر المرأة العربية بكتاباتها النقدية، وكما هو حاضر اليوم فإن ما تنتجه المرأة ينبع من إحساسها المرهف وعواطفها الجياشة، وتجدر الإشارة إلى أن شعر المرأة العربية تطور في العصر الحديث حيث كانت جل كتابات المرأة في مجال الشعر قبل أن تتوجه أغلبهن إلى السرد، ولهذا آثرنا أن نتطرق مباشرة إلى الخطوة الأساسية في تطور الشعر وهي ظهور قصيدة التفعيلة أو الشعر الحر، حيث لعبت المرأة في هذا المجال دور البطولة باعتبار أن الريادة كانت مع الشاعرة نازك الملائكة بفاتحتها الحرة الكوليرا عام 1947، رغم أن هناك من ينفي عليها هذه الأولوية ولا غرابة في ذلك وهي التي قطعت الطريق أمام الرجل في اختراقها نظام الشعر العمودي لأن "المهم عندهم هو منع هذه الأنثى من شرف الريادة"[19]، لتقف في وجه رجلين أرادا لها كالأخريات السقوط في دائرة التبعية ونقصد بالقول بدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور، ومهما يكن من ذلك فالمهم أن المرأة لا يمكن الاستهانة بها وبقدرتها على الإبداع، ولو كانت هذه الريادة النسوية أمرا عاديا لما كانت هناك انتقادات وردود، وما هذا إلا دليل على ثقافة المرأة ووعيها وحضورها اللافت في الساحة الأدبية.

أما في مجال السرد فيمكن أن نحدد الانطلاقة الفعلية في مجال الرواية باعتبارها "ألحت بصورة كبيرة على المرأة سواء باعتبارها من أهم العوالم الشخصية أو بطلة رئيسية...أو واحدة من أهم جمهور قراء الرواية"[20]، ويعتبر الكثير من الباحثين أن رواية حسن العواقب للكاتبة زينب فواز سنة 1895 كانت ّأول حدث روائي،حيث أخرجت صوت المرأة من "بوتقة الصمتالتي وسمت حياتها الإبداعية"[21]، ورغم أنها اتسمت بنوع من الضعف الفني والأسلوبي إلا أنها زادت من طموح أديبات أخريات للخوض في مجال السرد الروائي مثل وردة اليازجي في لبنان، عائشة تيمور في مصر، لبيبة هاشم وفريدة عطية، كما تلمسنا في الرواية تطورا فنيا كالذي ميز (رواية قلب الرجل) للروائية لبيبة هاشم، وأهم ما ميز الرواية النسوية في هذه المرحلة هو "حرصها الشديد على إسماع صوتها (المرأة) داخل مجتمع يتجاهل حضورها، ولم يكن الإبداع إلا متنفسا لإخماد نار التهميش التي عانت لهيبها من مجتمع طالما أرادها أن تخفي وجهها عن عيون المجتمع"[22]، أما المرحلة الثانية وهي مرحلة التمرد على القيود، والتي امتدت من خمسينيات إلى سبعينيات القرن العشرين، ويمكن الإشارة هنا إلى أعمال ليلى البعلبكي ولطيفة الزيات، اللتين اعتبرتا من الكثيرات اللواتي رفضن القيود والقهر، خاصة في المجال الإبداعي، ففي رواية (أنا أحيا) تعالج ليلى بعلبكي دور المرأة في المجتمع والحياة، فهي المرأة التي تتمرد على قوانين المجتمع المفروضة عليها فحاولت كسرها وتخطيها، أما لطيفة الزيات فقد حاولت بروايتها (الباب المفتوح) 1960 أن تقدم مقاربة بين المرأة قديما وبين ما صارت عليه اليوم، ومن خلالها تحاول إثبات وجودها في المجتمع بعد ما عاشته من القهر والحرمان في زمن مضى، وعلى إثرهما سارت الكثيرات على غرار إميلي نصر الله والأديبة السورية كوليت خوري التي جعلت من أغلب رواياتها ملتقًى للنسوة لإبراز دور المرأة وطاقاتها الأنثوية، وقد ركزت أغلب كاتبات هذه المرحلة كثيرا على استخدام ضمير الأنا لأهميته في إبراز دور الذات الأنثوية ودور المرأة في التحول الاجتماعي السائد واستعباده لحق المرأة.

أما في المرحلة الأخيرة فقد حاولت المرأة إنضاج الكتابة الروائية، حيث نزلت إلى المجتمع ولامست قضاياه المختلفة، وأهم من ذلك تطرقت المرأة المبدعة في هذه المرحلة إلى قضايا أنثوية خاصة، كالأنوثة والجسد وعلاقات المرأة والرجل، وهذا ما زاد من إثبات وجودها أكثر من السابق إذ لفتت انتباه النقاد والأدباء بهذه المواضيع الحساسة وهدفت من وراء ذلك إلى"إنتاج لغة جديدة شيع فيها مفردات وتركيبات يزول فيها النظر إلى المرأة كموضوع "[23]، وذلك بتطوير الخيال وتماسك التراكيب وهكذا أصبحت الرواية النسوية العربية محل بحث للنقاد والباحثين للكشف عن أسرارها اللغوية والموضوعاتية.         

أما عن تطور الشعر النسوي فيالجزائر فيمكن القول:إن تهميش المرأة وإقصائها من الحياة البشرية استمر زمنا طويلا، لم تكن فيه المرأة سوى آمة لخدمة المجتمع الذكوري، وطُمست معها إمكاناتها التي يمكن أن تحقق لها وجودها داخل هذا المجتمع"والمتتبع للنشاط الأدبي والسياسي في الجزائر قبل الثورة يجد انعدام دور المرأة فيه واضحا فلا أثر لحضورها سواء في الحركة الثقافية، أو في أي نشاط ذي طابع سياسي أو نقابي"[24]، وقد ظلت المرأة على هذا الحال في جل الأقطار العربية إلى غاية بروز الحركة النسائية في مصر، والتي تعد من أولى معالم الأدب النسائي في العالم العربي ومصر الحديثة بصفة خاصة، وبفعل هذه الحركة تغيرت نظرة المجتمع للمرأة، وكان لها الصدى الإيجابي في الجزائر، حيث قلّت معها النظرة الدونية للمرأة، إذ كان الدعم لهذه الحركة من قبل بعض الهيئات الثقافية، وأبرزها جمعية العلماء المسلمين التي دعت إلى ضرورة تعليم المرأة وإدماجها داخل المجتمع وعلى جميع الأصعدة خاصة الثقافية منها، وهكذا تبوأت المرأة بعد زمن مكانة تاريخية على الساحة الأدبية، وسنحاول أن نقف أهم تطور الشعر النسوي في الجزائر، من خلال رصد واقع المرأة في هذا المجال، خاصة وأنه جاء متأخرا مقارنة بالكتابة النسوية العربية، وذلك لعدة أسباب أهمها عامل الوجود الاستعماري في الجزائر بالإضافة إلى قلة الصحف والمجلات الأدبية إن لم نقل انعدامها في تلك الفترة، ولعل أهم عامل هو طبيعة العادات والتقاليد التي عاش عليها المجتمع الجزائري زمنا طويلا وعمله على تهميش المرأة، والحديث عن الشعر النسوي في الجزائر يدعونا للحديث عن مراحل تطور الشعر الجزائري عامة وعليه إبراز الوضع الاجتماعي والثقافي للمرأة الجزائرية خلال تلك المراحل:

أ/ الفترة الاصلاحية:

وتزامنت هذه المرحلة مع الحركة الإصلاحية لجمعية العلماء المسلمين، وكان الشعر في هذه المرحلة ذا نزعة محافظة ومتشددة، وكان المجتمع خلال هذه المرحلة يستنكر على المرأة وجودها في أي نص أدبي،فما بالك أن تكون هي بنفسها مبدعة لذلك النص، وكانت هذه المرحلة تقتصر على إبداع الرجل دون المرأة وهذا ما نراه في الموقف المحافظ لعبد الحميد بن باديس تجاه المرأة في قوله" فالتي تلد طيارا خير من التي تطير بنفسها"[25]، عندها كان الرجل كل شيء والمرأة لا شيء، هو المقرر والآمر والناهي وهي مجهولة التكوين في ظل هيمنة المجتمع الذكوري الذي يرفضها بطريقة مباشرة،ففي سنة 1939 نجد أن "ناديا رياضيا إسلاميا أراد أن ينظم مسابقة قصصية اشترط في النصوص أن تكون خالية من المرأة"[26]، وكان هذا التعتيم على المرأة وإجحاف حقها في ممارسة نشاطاتها بسببب تفكك المجتمع الجزائري من جهة والاستعمار الفرنسي من جهة أخرى حيث "كرس مثل هذا الوضع الثقافي المظلم الذي لا نصيب للمرأةفيه من العلم والثقافة"[27]، وإن كان هناك إبداع من قبل بعضهن فإنه كان يُعتبر ضربا من العبث ضمن خانة لا يمكن تجاوزها ولن تجد له أثرا في الوسط الثقافي أو الأدبي، ويشهد على ذلك شريبط أحمد شريبطبقوله"لم أعثر على أي نص إبداعي شعرا أو نثرا يُنسب للمرأة الجزائرية، وذلك طوال أربعة عشر قرنا، أي منذ البدايات الأولى للفتح الإسلامي لبلاد المغرب إلى فترة ما بعد الحربين "[28]

إلا أن هذا الوضع لم يستمر فبعد أحداث 08 ماي 1945 بدأت جمعية العلماء المسلمين بإزاحة هذا الجو المحافظ الذي لم يستمر طويلا لأنه على إثر هذا الوضع المتردي "هبت طائفة من رواد النهضة الجزائرية ومجموعة من الشباب المتنور لأجل إخراج المرأة من هذا الوضع الثقافي المزري"[29]، وبدأت عندها جمعية العلماء المسلمين بتوظيف القيم التي يغلب عليها الطابع الديني والإيديولوجي والسياسي والتي تعزز القومية العربية وتحارب الجهل والانحطاط.

وقد كان للمقال الصحفي الدور الكبير في تحديث الشعر النسوي، والذي بدأ سنة 1945 أي مع بداية اندلاع الثورة التحريرية، وتمثلت هذه البداية في مشاركات نثرية وشعرية من خلال نشر بعض المقالات حول المرأة ودورها في بناء المجتمع، فنشرت باية خليفة مقالا بعنوان "قيمة المرأة في المجتمع"، وفي البصائر نشرت فتيحة كاهية مقالا آخر عنونته بـ "نداء في سبيل نهضة المرأة المسلمة" وهكذا بدأت المقالات النسوية  تلتئم الجرح يوما بعد يوم وكانت جريدة البصائر الراعي الأول لتلك المقالات، وقد كانت البداية الثقافية النسوية في الجزائر باللغة العربية بداية متواضعة مع زهور ونيسي سنة 1954 على صفحات جريدة البصائر كما "يشهد على تلك البداية ما نشرته من كمّ نوعي كبير من المقالات والردود والانتقادات والقصص في بصائر الخمسينيات وهي لاتزال دون العشرين من عمرها"[30]، وظل الشعر النسوي خلال هذه الفترة متذبذبا ولم تبرز فيها إلا بعض الأسماء التي أنارت الطريق لأخريات بقلمها الأنثوي الحساس، على غرار مبروكة بوساحة زينب الأعوج ربيعة جلطي وأحلام مستغانمي...

ب/ فترة الستينيات والسبعينيات:

من أهم ما ميز هذه الفترة كذلك هو هيمنة المواضيع الإيديولوجية التي لا تكاد تنصرف عن فكرة الثورة والوطن، كما توسط فيها الشعراء بالجمع بين الكتابة التقليدية والحديثة إذ"لم تكن الجزائر على مر التاريخ رائدة في مجال الإبداع الشعري كانت في كثير من الأحيان أصداء لما يحدث في المشرق...وإذا قربت الصورة فإننا نلاحظ أن مرحلة الستينات والسبعينات باهتة اتضح فيها مقدار ما يستورده المبدعون من أفكار لو لا اتكاء بعض الشعراء على الثورة"[31].

وما ميز هذه العشرية أيضا فيما يخص الأدب النسوي عامة وليس الشعر فقط هو الافتقار إلى وسائل نشر الإبداع الأدبي خاصة وأن الفئة المثقفة كان اهتمامها منصبا حول الأمور السياسية السائدة في تلك المرحلة، وهذا ماجعل اسم مبروكة بوساحة ينفرد آنذاك لأنها بمجموعتها "براعم" التي صدرت سنة 1969،كانت أول صوت نسوي يخترق صمت الأنثى الجزائرية ضمن تلك الظروف الاجتماعية والسياسية، وخاصة سياسة الاستعمار المناهضة للغة العربية، وهذا العامل الذي كان سببا في تأخر الأدب الجزائري عامة، لكن الفضل الكبير في التحرر النسوي النسبي خلال هذه الفترة يعود إلى جمعية العلماء المسلمين، وذلك بإشرافها على غالبية الصحف التي كانت ترى في الشعر هو الأدب الجزائري، كما كان تحرر المرأة من العادات والتقاليد السائدة عاملا أساسيا لتدخل مجال الإبداع بمراحله من الشعر إلى النثر (قصة ورواية)، فبعد هذه الولادة العسيرة للأدب النسوي مع مبروكة بوساحة بدأ القلم النسوي يلقي بإبداعه في الساحة الأدبية، فظهرت أسماء لامعة يقول عنها شريبط أحمد شريبط:"ويمثل الجيل الثاني في نظري هو جيل السبعينيات الأدبي، ويوازي جيل الأدباء الشبان الذكور كل من تجربتي زينب الأعرج والشاعرة ربيعة جلطي"[32]، فقد جمعتا بين كتابة الشعر والدراسات والبحوث الأكاديمية لفترة طويلة، وقبل هاتين الشاعرتين نجد شاعرة متميزة انفردت بلمستها الأنثوية في مجال الشعر عند بدايات تأنيث الخطاب فأحلام مستغانمي وبديوانها (على مرفأ الأيام) الذي أصدرته سنة 1973 تقر في بعض المواقف بأن البداية كانت بقلمها، وهو الإشكال الذي تعرض له العديد من النقاد حول أول تجربة شعرية نسوية في الجزائر،  ولسنا هنا في موقف عرضه[33]، ونذكر كذلك ديوانها الثاني (الكتابة في لحظة عري) سنة1976، ومنهن أيضا زوليخة السعودي، جميلة زنير، ومريم يونس...وبعد هذا التاريخ بدأت الإبداعات النسوية تتوالى نتيجة تكوين المجلات وأبرزها "الجزائرية" التي فتحت صفحاتها لتحضن إبداع الشاعرات اللواتي أطلقن العنان لأقلامهن الشعرية الرقيقة والحساسة.

ومن هنا فقد حدد ناصر معماش فترة الستينيات بصدور أول ديوان شعري لمبروكة بوساحة، أما فترة السبعينيات فكانت بظهور أول مجلة إبداعية وهي (الجزائرية) كما سلف الذكر بالرغم من قلة عدد الشاعرات في هذه الفترة بسبب ما كانت تعانيه المرأة المبدعة أنداك، فمن جهة الاستعمار ومن جهة أخرى العادات والتقاليد السائدة في المجتمع الجزائري، مما جعل الكثيرات منهن ينسحبن من الساحة الأدبية، وهذا ما أكده ناصر معماش بقوله:" ظل الشعر النسوي متدبدبا ولم تبرز في فترة السبعينيات سوى ثلاثة أسماء أضيفت إلى مبروكة بوساحة وهن زينب الأعوج، ربيعة جلطي وأحلام مستغانمي"[34].

أما عن الخصائص الأسلوبية التي طغت في هذه الفترة الثانية أي فترة الستينيات والسبعينيات فقد تميزت:"بمدى سيطرة النزعة الايدولوجية بشكل صارخ إلى درجة أصبح فيها النص الشعري مجرد فقرة سياسية"[35]، وهذا ما ميز الخطاب الشعري في الجزائر بصفة عامة إذ لم تطغ هذه الميزة على الشعر النسوي فقط.

لكن مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات بدأت تلوح في الأفق علامات مشرقة للإبداع النسوي في الجزائر، خاصة وأنها تزامنت مع بروز حركة الشعر الحر في المشرق العربي بانتفاضة نازك الملائكة على عمود الشعر التقليدي، فظهرت مجموعة من الشعراء والشاعرات أكدوا الريادة المتميزة للشعر العربي في الجزائر من أمثال عبد العالي رزاقي، ربيعة جلطي، أحلام مستغانمي وزينب الأعوج وغيرهم...من الذين طبعوا الساحة الشعرية في الجزائر بسمات النضج والتطور.

ج/فترة الثمانينيات والتسعينيات:

مع بداية هذه المرحلة تطور الوعي لدى المجتمع الجزائري، كما استطاع البحث العلمي في الجزائر بإحصاء مجموعة من الشاعرات اللواتي خرجن من دائرة الهيبة والخوف من العادات الاجتماعية، وتغير تفكيرهن ولم يستسلمن لتلك الظروف الصعبة أنداك، ومن أهم العوامل التي ساعدت على ذلك هي الانتشار الواسع لفضاءات النشر والجرائد الوطنية والمجلات الكبرى، وهنا برزت شاعرتنا نادية نواصر بأول ديوان لها "راهبة في ديرها الحزين"الذي أصدرته سنة 1981،كما ظهرت فيما بعد أسماء شعرية نسوية كثيرة حيث عملت الصحافة الوطنية حينها على احتضان معظم تجاربهن الشعرية، بالإضافة إلى ما قدمه ناصر معماش في كتابه حيث أحصى ما يقارب اثنين وستين من الأديبات تمازجت أعمالهن بين القصة والشعر خاصة ما نشرته كل من جميلة زنير وربيعة جلطي[36].

كما شهدت الساحة الأدبية خلال هذه الفترة ظهور ما يسمى بالشعر الجديد، حيث اتجهت الكثير منهن نحو كتابة الشعر الحر و ما يسمى بقصيدة النثر، والجدير بالذكر أن معظم المواضيع في تلك الفترة كانت ذات منطلقات وطنية بتزامنها مع الحركات الإصلاحية الطارئة على المجتمع الجزائري، والملاحظ أيضا على هذه المرحلة أن أغلب الشاعرات لم يكتفين بكتابة جنس أدبي واحد بل تناولن كل الأجناس من قصة، رواية، شعر ومسرح، وهذا على حد قول ناصر معماش:"نجدهن في الشعر كما نجدهن في القصة والرواية كـ "نورة سعدي" التي نشرت مجموعة من القصص في مجلتي الجزائرية وآمال وزينب الأعوج وربيعة جلطي وأحلام مستغانمي هذه الأخيرة التي بدأت شاعرة فكتبت ثلاث مجموعات شعرية ثم تحولتإلى روائية  وفضيلة الفاروق التي نشرت نصوصها الشعرية في جرائد النصر والنهار والحياة ثم تحولت إلى قاصة وروائية ومنهن جميلة زنير التي تحولت إلى كاتبة في أدب الأطفال والقصة والرواية"[37]،إذ يمكن القول أن منتصف التسعينيات هو المنطلق الحقيقي للحركة الأدبية النسوية في الجزائر حيث بدأت تتطور فنيا وموضوعيا نتيجة تحرر المرأة واكتسابها لعناصر الوعي والإبداع، وأبرزها كتابات جميلة زنير في مجال القصة، زيب الأعوج وربيعة جلطي في الشعر أما في أواخر التسعينيات فقد مس هذا التطور مختلف الأجناس الأدبية خاصة مع فضيلة الفاروق وياسمينة صالح...

بعد هذه اللمحة القصيرة حول نشأة الكتابة النسوية في الجزائر يمكن القول:رغم أنها جاءت متأخرة بعد مخاض عسير، إلا أنها استطاعت أن تلتحق بركب المبدعات العربيات في الإنتاج الأدبي،وتمكنت الكتابة النسوية الجزائرية أن تبرز  دور المرأة الجزائرية في مختلف الميادين خاصة مجال الإبداع الأدبي، فلا يمكن إذا أن نتجاوز ما خلفته هذه المبدعة الأنثى حيث أضحت كتاباتها مجالا واسعا للبحث والنقد والتحليل من قبل الباحثين والنقاد.

2/ موضوعات الشعر النسوي في الجزائر:

إن المتصفح لكتابات المرأة الجزائرية- وخاصة الشاعرة- يلاحظ أنها قدمت للقارئ موضوعات متنوعة عن طريق لغة محملة بالصور والتراكيب والأساليب المختلفة، على الرغم من كون موضوعاتها لا تختلف كثيرا عن موضوعات الرجل، إلا إذا كانت تحكي أنوثتها لتبرز دور المرأة حيث "تصير الذات الحاضرة موضوعا في الكتابة وتنتقل المرأة من موضوع إلى ذات"[38]، فكل كتابة أدبية تقوم على إشكالية معينة سواء كانت اجتماعية، سياسية أو جمالية، وقد تناولت المرأة الجزائرية هذه المواضيع باستمرار مند بداية تأنيثها للخطاب، ومن أبرز هذه الموضوعات الوطن؛ فكثيرا ما تغنت الشاعرة الجزائرية بأمجاد وطنها وبطولات شعبه، لما تحمله مفردة الوطن من بعد عاطفي وامتداد إنساني، والوطن عندها ليس الجزائر فقط بل هو المدينة والريف، فقد أهدت الشاعرة أحلام مستغانمي ديوانا كاملا لوطنها موسوما بــ "الكتابة في لحظةعري" معبرة فيه عن مدى حبها له ومتأسفة منه لأنها لم تكن ضمن قائمة الشهداء إذ تقول:

     لأني لم أمنحك غير الكلمات

     تذكري أني أحبك كثيرا

     إنني أشعر أحيانا بالخجل، وأكاد أطلب منك العفو

     لأني لازلت على قيد الحياة، ولست ضمن قائمة الشهداء

     إليك يا جزائر أمنح سنواتي الواحد والعشرين

في عيدك الواحد والعشرين[39]

ليست أحلام فقط من تغنت بوطنها، فهناك من اختصرت حب وطنها في مدينتها، ومن تلك الشواعر منيرة سعدة خلخال التي تغنت بمدينة (قسنطينة) أو (سيرتا)، فهذه الأخيرة تمثل لها الفرح والانبعاث والتجدد، ومنهن أيضا شاعرتنا نادية نواصر التي أهدت لمدينة (بونة) ديوانا بأكمله عنونته بــ "لبونة صهد القلب" وتقول في الإهداء:

إلى بونة مسقط رأسي...

صهدي

ورغدي...

مثوى أحزاني

     ومرابع فرحي[40]

فللوطن إذا في الشعر النسوي الجزائري حضور يكاد يكون أساس التدفق العاطفي عند بعضهن ومصدر إلهام في تجربتهن الشعرية.

أما موضوع أو ثيمةالمرأةفقد بلغت في الأدب النسوي الجزائري مبلغ الوطن أو أكثر، خاصة في الفترة الأخيرة سيما في السرد الروائي، وقد تكون المرأة في الشعر أو في الرواية هي نفسها الذات المبدعة، وهذا ما لاحظناه كثيرا خاصة من خلال استخدام ضمير المتكلم، إذ يُلاحظ على روايات المرحلة الأخيرة أنها:"اتسمت باستخدامها لضمير المتكلم وتعبيرها الصادقعن روح المرأة المبدعة ومعاناتها"[41]، وأبرز من عالجت هذه الثيمة في الجزائر نجد جميلة زنير، فقد جعلت عدة من أعمالها مجالا للمرأة وما تعيشه في المجتمع ونذكر مثلا مجوعتها القصصية (دائرة الحلم والعواصف)،ورواية (تداعيات امرأة قلبها غيمة)، حيث اختزلت فيها الكاتبة تلك الأنثى المقهورة، الباحثة عن إثبات الذات داخل مجتمع تسيره السلطة الذكورية "مهيئة بذلك مناخا يُلخص تجربتها الطويلة ونضالاتها لكل مظاهر السلطة وأشكال القهر الاجتماعي"[42]، وقد تكون بعض هذه المعاناة -إن صح القول- هي ما عاشته الكاتبة مند بداية كتاباتها الأولى في مجتمع يرفض أن تكون المرأة مبدعة في الساحة الأدبية، وحتى في الكتابات الشعرية كانت المرأة حاضرة بقوة، على غرار الشاعرة نادية نواصر، ربيعة جلطي وخالدية جاب الله ...فقد كانت المرأة تعيش في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد، مجتمع حرمها أنوثتها وحريتها وبوحها، وهذا ما جعل الشاعرة زينب الأعوج في أحد حواراتها تتخذ موقفا فيه شيء من الاستفزاز إذ وصفت المجتمع الجزائري حينها بالمتخلف فتقول:"مجتمع مثقل بالتقاليد البالية بإرث طويل من الظلم والفكر الإقطاعي، إنه مجتمع يمشي على كثير من جثث البريئات"[43]، وإذا حاولت المرأة أن تتمرد على هذه التقاليد فإنها ترسم طريق الموت بيديها، خاصة وأنها حُرمت من التعليم وعيش تجربة الحياة خارج عتبة البيت، وهذا ما جعل المرأة الشاعرة ساخطة على مجتمعها في مختلف كتاباتها الشعرية.

ويجب أن نشير هنا إلى أن المرأة لجأت إلى كتابة ذاتها نتيجة الإهمال وعدم التشجيع، فراحت تحاول إثبات وجودها، ويمكن القول أنها استطاعت أن ترسم لحياتها مخططا منهجيا، وهذا ما لجأت إليه المرأة العربية -بصفة عامة- التي عاشت القهر والاستبداد، وبهذا فإن الكاتبات عامة حاولن"إبراز قضايا المرأة دون الانعزال عن مشاكل المجتمع العربي وقضاياه"[44]،ورغم ذلك تُعد المرأة وحريتها من أبرز المواضيع التي عالجها الأدب النسوي العربي عامة الجزائري خاصة، فقد تطرقت له أحلام في معظم رواياتها وكذلك فضيلة الفاروق في روايتها (تاء الخجل)،حيث عالجتموضوع المرأة، وتعرضها لمختلف مظاهر العنف في فترة كانت الجزائر فيها تعيش أزمة سياسية عصيبة(العشرية السوداء)، وهناك موضوع آخر خصصت له الأديبة الجزائرية –وخاصة الشاعرات- مساحة واسعة من خطابها وهو الانتماءوالقومية، فالمرأة تملك قلبا حساسا إذ تتعاطف مع أبسط الأمور فما بالك بانتمائها لوطنها وعروبتها خاصة ما مر به المجتمع الجزائري من ظلم واستعمار، كما عبرت عن مختلف القضايا الشائكة التي يمر بها الإنسان العربي،خاصةقضية فلسطين التي حظيت بمكانة خاصة في الأدب الجزائري عامة، ونتلمس هذه النزعة القومية كثيرا في شعر مبروكة بوساخة،وتعتبر أول من اهتم بالقضية الفلسطينية التي أرقت كل كاتب وشاعر عربي، لما تحمله من بعد ديني وقومي وتاريخي، فأطلقت العنان لقلمها على لسان أفراد المجتمع الجزائري بأنهم لن يرتاحوا حتى تصبح فلسطين حرة مستقلة، كما كتبت الشاعرة زينب الأعوج"رسالة اعتراف للحكام العرب توضح فيها أسباب نكسة العرب تنبأت بمستقبل واهن ضعيف، و عبرت الشاعرة نجاح حدة هي الأخرى عنالوجع العربي بكل حيثياته، فجاءت نصوصها مشحونة بجملة من الأفكار وواقع تجتمع فيه الأزمنة."[45]

كما تطرقت الشاعرة الجزائرية إلى موضوع آخر اعتبرته دائما من أهم الموضوعات التي يجب توجيهها للقارئ، وهوالصراع بين الرجل والمرأة من خلال ثنائية القبول والرفض، فقد عالجت هذا الموضوع في ظل مجتمع ذكوري متسلط، كانت تعيش فيه محاولة التحرر من قيوده ومتحدية جموحه وتسلطه، ونتلمس هذا في إحدى قصائد الشاعرة سميرة قبلي بعنوان "اعترافآخر" معترفة فيها بأنها لا تأبه للرجال ولا تأسى لفراقهم، ولم يعد لهم وجود في الحيز الذي تعيش فيه فتقول:

لا تطلب حساب حياتي

     لا تطلب عدد الرجال

     الذين أطفأوا برعونتهم

     نزواتي

.................

     فأنا امرأة

     ترسم قلبه بالممحاة[46]

ولهذا وجدت المرأة الشاعرة في القصيدة متنفسا لها، تعبر فيه عن ذاتها ومعاناتها في المجتمع الذكوري، متحدية جموح الرجل الذي ظل لزمن طويل يتملكها ويسخّرها لخدمة نزواته فقط، فالأدب النسوي الجزائري -والشعر منه خاصة- لا يخلو تنوع المواضيع،فزينب الأعوج مثلا ألهمها موضوع الطفولة وقضايا الطفل وحياته، فقدمت ديوانا موسوما بـ"أرفض أن يدجنالأطفال"، ولا ننسى كذلك شاعرتنا نادية نواصر التي أهدت لحفيدتها ديوانا كاملا عنونته بـ"لهالة يغني الصباح"، وهو عبارة عن مجموعة من النصائح والتعليمات التي توجه حياة الطفل، وتزرع فيه التربية الحسنة والأخلاق السامية، إذ تقول في قصيدة (أخلاق هالة):

هالة التي حدثتكم

يا رفقتي الصغار

     عن حسنها

     ونبلها

     عن طهرها

     عن حبها للخير والسلام

في البدء عند الأكل

     تقول: بسم الله[47]

والمواضيع كثيرة ومختلفة كقضايا الثورة والمجتمع، ونلمحها بكثرة في أشعار نورة سعدي، الغربة والحنين عند حبيبة محمدي، والحب والعشق عند أحلام مستغانمي في أشعارها وسردياتها... وهكذا إذن تنوعت المواضيع المتناولة في الخطاب النسوي الجزائري شعرا ونثرا، وذلك لم يأت من فراغ بل كان نتيجة لما عاشه المجتمع العربي عامة والجزائري خاصة.

3/خصائص الشعر النسوي الجزائري:

تعتبر اللغة الخاصية الأساسية التي تجمع بين كل الأدباء والأديبات، وهذه الميزة لاحظناها كثيرا عند الشاعرات الجزائريات، فمثلا عند حديثهن عن الثورة يستخدمن ألفاظا متشابهة إن لم تكن اللفظة نفسها وذلك لما تحسه المرأة اتجاه القضايا الاجتماعية، كما نجد الشاعرة الواحدة تستخدم ألفاظا كثيرة متشابهة بل قد تكون من حقل واحد، وخاصة دلالات الرفض والتحدي وذلك نظرا لكون المرأة ومنذ بدايات إنتاجها الإبداعي وهي في موقف الرفض والتحدي؛ فكان من جهة رفضا للمجتمع ونظرته الدونية للمرأة، ومن جهة أخرى تحديا لتلك الأوضاع السائدة من العادات والتقاليد، لتتطور حينها اللغة وتصير"وسيلة للإيحاء وليست أداة لنقلمعان محددة"[48]، وما الاشتراك في ألفاظ معينة إلا دليل على ما ترمي إليه من معان ومدلولات كالمشاعر والعواطف، وتصبح الكلمة "إشارة تقف في الذهن على أنها دال يثير فيالذهنمدلولا"[49]،بالإضافة إلى اشتراكهن في استخدام تاء التأنيث، وما يدل هذا إلا على تخزين الشاعرة لمكبوتات ومشاعر لزمن معين، ولما حان وقت الوعي والكتابة حاولت أن تشكلها في قالب شعري مؤنث، وإن كنا رأينا هذه السمة عند الرجل أيضا لكن قد يكون الرجل يكتب بموضوعية عكس المرأة التي تكتب ذاتيتها ومشاعرها.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الشاعرات قد يستخدمن لغة واحدة أو ألفاظا واحدة ولكن بمعان مختلفة، لكن الأهم من هذا أن تؤدي تلك اللغة  وظيفتها الشعرية وتترك بصمات أنثوية، وإضافة إلى تلك الألفاظ المحملة بمعان ودلالات موحية نجد الأسلوب أو الطريقة التي يتبعها المبدع بهدف إيصال أفكاره بمنهج سهل وبسيط ليستجيب القارئ لأفكاره ويعرفه عبد السلام المسديبأنّه:"قوام الكشف عن نمط التفكير عند صاحبه وتتطابق في هذا المنظور ماهية الأسلوب مع نوعية الرسالة المبلغة مادة وشكلا"[50]، فتكون مادة عن طريق اللغة من أصوات وألفاظ، وشكلا حيث تصير هذه الأصوات والألفاظ تراكيب ينبني وفقها النص، وقد جعل عبد الملك مرتاض للأسلوب وجهتين"إفرادية وتبحث عن خصائص هذه العناصر التي اُتخذت أدوات لنسج الخطاب، وتركيبية تبحث في خصائص الوحدات التي يتألف منها الخطاب نفسه فهناك إذن بنية ثم وحدة ثم خطاب"[51]، والأسلوب يختلف من مبدع لآخر ولكل منهجه في تركيب النص وتبليغ الرسالة.

وفي الخطاب النسوي نجد الأسلوب المهيمن يتم عن طريق التأنيث بمختلف الأدوات، كتاء التأنيث ونون النسوة وتوظيف الأسماء المؤنثة، وهذا الأسلوب بمثابة سلاح للمرأة للدفاع عن أنوثتها وإبراز دورها في الإبداع، وتعتبر مبروكة بوساحة أنموذجاللمرأة الجزائرية المثقفة والواعية، والتي تحاول دائما الدفاع عن الأنثى باستثمارها للغة المؤنثة بأسلوب فني بديع:

بأيّ لحن أغنّي مجمع الأدباوأيّ لفظ أُحيّي الإخوة العربا

ما في يديّا غير أشواقي أقدمها       وقيمة الواهب المحروم ما وهبا

حسبي هنا أن أصيغ لسمع معجبة    فإنّني طرت من إبداعكم طربا

كأنما في ضلوعي حين ألمسها           مجامر تصنع النيران والّلهبا[52]

ويظل الأسلوب المؤنث خطوة هامة في الشعر النسوي المعاصر، حيث أضحى للمرأةأسلوبهاالخاص في بناء نصها كالكتابة بلغة الجسد، وتوظيف الألفاظ الدالة عليه ونلتمسه بصورةجلية عند أحلام مستغانمي حيث وقفت كثيرا عن الجسد ومصطلحاته في مجموعتها الشعرية(الكتابة في لحظة عري)، وترى أنّ دوره يكمن في الكشف عن الذات باعتبار أن كل شاعرةتكتب للكشف عن حالة نفسية واجتماعية معينة.

وإذا انتقلنا إلى الصورة فنجدها أول ما يلفت نظر القارئ في النص الشعري، ويكمن دورها في النص الأدبي على أنها قادرة على تحريك النفوس وإحيائها، وعليها تعتمد الشاعرة قصد التأثير في المتلقي عن طريق وسائل وصور مختلفة كالاستعارة والتشبيه وهما أبرز وجه لها، وقد كانت مند القديم محل اهتمام من قبل النقاد والأدباء، فالصورة التشبيهية "نمط سهل يتعامل معه الشعراء كافة بمختلف عصورهم بيد أن الفيصل في تجليه يكمن في الإتقان أو الابتكار أو الإثارة"[53]، ومهما كان من سهولته وبساطته سيبقى سيد الصورة ووريثها في كل الأزمنة، كما أن الصورة الاستعارية "تشكل الجانب البياني الأبرز في فن التصوير وتتميز بتأثيرها الأقوى"[54]، فهي كذلك لها دورها الخاص في بناء شعرية النص وتفعيل لغته، وقد كانت منذ أرسطو محك الشاعرية في بلاغتها وصورها البديعية.

وإذا عدنا إلى الشعر النسوي الجزائري نجد الصورة الشعرية نامية خاصة عند شاعرات ما بعد الثمانينات، نتيجة تأثرهن بشعر المرأة العربية حيث أصبحت التجربة النسوية الجزائرية حافلة بالصور التشبيهية والاستعارية، وكما قلنا سابقا أن الصورة قادرة على تحريك النفوس، ذلك لأنها تعبر عن الحالة النفسية للشاعرة، وتبرز هذه الظاهرة بكثرة في توظيف مبروكة بوساحة للصورة التشبيهية، إلى درجة أنها أصبحت مبدءًا تلتزم به الشاعرة في نصوصها كظاهرة فنية وجمالية، وتبرز هذه الظاهرة أيضا عند نادية نواصر، وبالصورة التشبيهية يفهم القارئ رسالة النص عن طريق تحليل وتفكيك شفرات تلك الصور المختلفة، وكما حظي التشبيه بتلك المكانة فالصورة الاستعارية كذلك لم يغفلها الأدباء والنقاد واعتبروها"الأداة الكبرى من أدواتالتعبيرالشعري"[55]، فهي وسيلة الشاعر إلى الاستكشاف من خلال استخدامه لعناصر الطبيعة وغيرها، ووسيلة القارئ لتحميل النص مدلولات كثيرة وناجحة، والكثير من الشاعرات تجعلها مفتاحا للانطلاق على غرار منيرة سعدة خلخال وأحلام مستغانمي، ولا يمكن قصر الصورة الشعرية عند شاعرة أو شاعرتين لأن كل أديب مبدع لا يمكنه الاستغناء عن الصورة بصفة عامة، ففي كل نص شعري تصادفك الكثير من الصور وما إن تنفك من واحدة حتى تتعثر في أخرى، خاصة القصيدة الحديثة فهي غنية بالصور الشعرية وما فيها من تركيبات تشبيهية واستعارية ذات الأهمية في النص الشعري، وهكذا احتفت الشاعرة الجزائرية بهذه الصور لما تحملها إيّاها من أبعاد نفسية وفكرية ممزوجة بالوعي الإبداعي والخيالي

ومن الصور كذلك التي لقيت اهتماما بالغا من قبل الشاعرات نجد الرمز، وهو إحدى الظواهر البلاغية التي تنحو بالكلام عن المعتاد وحين تعجز اللغة عن التعبير بالكلام البسيط، ومن خلال توظيفه يسعى القارئ إلى فك شفراته للوصول إل الدلالة الحقيقية، ومن ثمَّ يفهم ما يقصده المرسل، وبالتالي على المتلقي أن يكون على مستوى من المعرفة والثقافة حتى يفهم دلالة ذلك الرمز وما يرمي إليه المرسل من وراء توظيفه، وقد سعت الشاعرة الجزائرية إلى الاستفادة من هذه الظاهرة قصد إثراء النص، ولعلّ ما يلفت الانتباه هنا هو اعتماد الشاعرة الرمز في عنونة القصائد ليصير بارزا أمام القارئ، ويجعله يفتح خياله على عالم من الحركات والمدلولات، لنأخذ مثلا قصيدة (يا أنت من منا يكره الشمس) كعنوان قصيدة لزينب الأعوج،فهي هنا تجعل  القارئ يبحث عن دلالة الشمس في متن النصوص التي تندرج تحت هذه المجموعة، وكذلك العنوان (تضاريس لوجه غير باريسي) لربيعة جلطي و(راهبة في ديرها الحزين) لنادية نواصر...وكثيرا ما نجد الرمز المؤنث في نصوص الشاعرات الجزائريات بصفة مكثفة كاسم شهرزاد وليلى،وغيرهما من الأسماء المؤنثة للتعبير عن الحالة النفسية وإبراز الذات الشاعرة التي تحمل دلالات متنوعة دينية، تاريخية وثقافية...وما توظيف هذه الأسماء إلا إبراز لدور المرأة ومكانتها في المجتمع، والرمز لا يكون باستخدام أسماء الشخصيات فحسب بل يتعداها إلى الأماكن التاريخية والرموز الطبيعية،فالأوراس مثلا رمز مكاني له حضوره الخاص عند الشاعرة الجزائرية، والرموز لا تنتهي على غرار القصبة، بغداد، غرناطة، والأندلس...واتخذت زينب الأعوج من وهران رمزا للمدينة المناضلة.

أما من ناحية الموسيقى الشعرية فتبرز في خلال هذا الجانب بعض الخصائص الشكلية التي تميز بها الشعر النسوي الجزائري، وأبرزها كتابة القصيدة النثرية من قبل أغلب الشاعرات خاصة فترة التسعينيات وما بعدها، والانتقال إلى هذا النوع من الكتابة الشعرية هو محاولة للشاعرات للتخلص من القيود التي كانت تفرضها الأوزان الخليلية، فبالرغم من أنها لم تتخلى عن الموسيقى الداخلية والقافية، إلا أنها ابتعدت تماما عن الوزن، ومن من هذه الخصائص أيضا نجد النفس الشعري القصير في الكثير من دواوين الشاعرات الجزائريات، وقد قسمه يوسف وغليسي إلى شكلين بقوله:"يتمظهر النفس القصير على سطح النص اشعري في شكلين اثنين: أحدهما عمودي(حيث يشغل النص حيزا مكانيا محدودا من الأعلى إلى الأسفل، بالنظر إلى قلة عدد الأبيات أو الأسطر الشعرية)، والآخر أفقي(حيث تشغل الأبيات أو الأسطر حيزا مكانيا محدودا كذلك من يمين الصفحة إلى يسارها"[56]، ويتشكل هذا النفس ضمن القصيدة القصيرة والصغيرة الحجم، كما تطغى على الكثير من الدواوين ظاهرة تقطيع القصائد الطويلة إلى مقاطع تكون قصيرة ومتباينة فيما بينها بالرغم من انتمائها إلى القصيدة نفسها، والهدف من هذا التشكيل أن تمنح لقصيدتها نغما موسيقيا باعتبار أن القصيدة القصيرة تكون أكثر غنائية بطبيعتها، ضف إلى ذلك ما تقدمه الموسيقى الداخلية كالتكرار مثلا،وكل هذا ينم عن رغبة الشاعرة الجزائرية في التحرر من خلال تجاوزها للأوزان الخليلية التي قد تقيد أحيانا موهبتها الشعرية الإبداعية.



[1]-أدونيس، الشعرية العربية، دار الآداب، ط2، بيروت، 1989، ص44ـ46.

[2]- حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تحقيق: محمد الحبيب بن الخوجة، دار الغرب الإسلامي، ط2، لبنان،1981، ص71، نقلا عن أوبيرة هدى، مصطلح الشعرية عند محمد بنيس، رسالة ماجيستر، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، 2012، ص23

[3] -أوبيرة هدى، مصطلح الشعرية عند محمد بنيس، رسالة ماجيستر في الأدب العربي، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، 2012، ص23.

[4]-أدونيس، الشعرية العربية، ص 35.

[5]-أدونيس الشعرية العربية، ص81.

[6]-هدى أوبيرة، مصطلح الشعرية عند محمد بنيس، ص32.

[7]- المرجع نفسه، ص32.

[8]- كمال أبو ديب، في الشعرية، مؤسسة الأبحاث العربية، ط1، 1987، ص20.

[9]- أوبيرة هدى، مصطلح الشعرية عند محمد بنيس ص33.

[10] -المرجع نفسه، ص نفسها.

[11]- عبد الملك مرتاض، النص الأدبي من أين؟ وإلى أين؟، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1983، ص26، 27.

[12]- المرجع نفسه، ص32.

[13]- عبد الملك مرتاض، النص الأدبي من أين؟ وإلى أين؟، ص 26، 27.

[14]- حسن ناظم: مفاهيم الشعرية، ص 15.

[15] - عبد الله الغدامي: الخطيئة والتكفير، اص22.

[16] - عبد السلام المسدي:الأسلوب والأسلوبية، الدار العربية للكتاب، ط2، تونس، 1982 ص171.

[17]- حسن ناظم: مفاهيم الشعرية، ص15.

[18]- عبد الله الغدامي، المرأة واللغة، المركز الثقافي العربي، ط3، الدار البيضاء، المغرب، 2006، ص07.

[19]- عبد الله الغدامي، تأنيث القصيدة والقارئ المختلف، المركز الثقافي العربي، ط1، بيروت، 1997، ص13.

[20]-سعيد يقطين، قضايا الرواية العربية الجديدة، الوجود والحدود،  الدار العربية للعلوم، ط1، منشورات الاختلاف، الرباط، 2012، ص200.

[21]- نورة الجرموني، تطور متخيل الرواية النسائية العربية، مجلة الراوي، العدد22، السعودية، مارس/2010، ص90.

[22]- المرجع نفسه، ص 92.

[23]- نورة الجرموني، تطور متخيل الرواية النسائية العربية، الراوي، ع22،ص96.

[24]- باديس فوغالي، التجربة القصصية النسائية في الجزائر، اتحاد الكتاب الجزائريين، ط1، 2002، ص9.

[25]- جعفر ياشوش، الأدب الجزائري، التجربة والمآل، المركز الوطني للبحث في الأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، د/ط، الجزائر،2007، ص142

[26]- يوسف وغليسي، خطاب التأنيث، دراسة في الشعر النسوي الجزائري، جسور للنشر والتوزيع، ط1، الجزائر، 2013، ص55.

[27]- يوسف وغليسي، خطاب التأنيث، ص55.

[28]- ينظر:شريبط أحمد شريبط، نون النسوة في الأدب العربي الجزائري المعاصر، مجلة آمال، العدد2، ديسمبر، 2008، ص20.

[29]- يوسف وغليسي، خطاب التأنيث، دراسة في الشعر النسوي الجزائري، ص55

[30]-يوسف وغليسي، خطاب التأنيث،ص 59.

[31]- حنين عمر، واقعنا الشعري وفوضى الحلم، مجلة الثقافة، ع8، 9، المكتبة الوطنية الجزائرية، 2006، ص79.

[32]- شريبط أحمد شريبط، نون النسوة في الأدب الجزائري المعاصر، ص26.

[33]- يُنظر بالتفصيل: يوسف وغليسي، خطاب التأنيث دراسة في الشعر النسوي الجزائري، ص62،63.

[34]- ناصر معماش، الشعر النسوي العربي في الجزائر، دراسة في بنية الخطاب، آذار للطباعة والنشر والتوزيع، العلمة، د/ط، الجزائر، 2001، ص13.

[35]- السعيد بوسقطة، القصيدة السبعينية الجزائرية بين الخطاب الشعري والإيديولوجي، مجلة التواصل، جامعة باجي مختار، عنابة، العدد16،جوان 2006، ص130.

[36]- ينظر بالتفصيل: ناصر معماش، النص الشعري النسوي العربي في الجزائر، دراسة في بنية الخطاب، ص14.

[37]- ناصر معماش، النص الشعري النسوي العربي في الجزائر، دراسة في بنية الخطاب، ص15.

[38]- نورة الجرموني، تطور متخيل الرواية النسائية العربية، ص93.

[39]- أحلام مستغانمي، الكتابة في لحظة عري، دار الآداب، بيروت/ لبنان، ط1، 1976، ص04.

[40]- نادية نواصر، لبونة صهد القلب، موفم للنشر، الجزائر، 2014، ص05.

[41]- نورة الجرموني، تطور الرواية النسائية العربية، ص95.

[42]- باديس فوغالي، التجربة القصصية النسائية في الجزائر، ص164.

[43]- نقلا عن: فضيلة الفاروق، التجربة الإبداعية النسائية في الجزائر، مجلة نزوى الالكترونية، عدد36، نقلا عن الانترنت 27/07/2009.

[44]- نورة الجرموني، تطور متخيل الرواية النسائية العربية، ص97.

[45]- ينظر: ناصر معماش، الشعر النسوي العربي في الجزائر، دراسة في بنية الخطاب، ص137 وما بعدها.

[46]- سميرة قبلي، إغواءات، منشورات البرزخ، د/ط، الجزائر، 2006، ص59.

[47]- نادية نواصر، لهالة يغني الصباح، أوراق للنشر والتوزيع، ط1، سوق أهراس، الجزائر، 2012، ص81.

[48]- عبد الله الغدامي، تشريح النص، مقاربات تشريحية لنصوص شعرية معاصرة، دار الطليعة، ط1، بيروت، 1987، ص100.

[49]- المرجع نفسه، ص12.

[50]- عبد السلام المسدي، الأسلوب والأسلوبية،ص64.

[51]- عبد الملك مرتاض، بنية الخطاب الشعري، دراسة تشريحية لقصيدة أشجان يمانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1991، ص24.

[52]- مقطع من قصيدة لمبروكة بوساحة، ألقتها في المؤتمر العاشر للأدباء العرب، نادي الصنوبر ثم مهرجان الشعر العربي الثاني عشر، 1975.

[53]- فواز بن عبد العزيز اللعبون، شعر المرأة السعودية المعاصر، دراسة في الرؤية والبنية، سلسلة الرسائل الجامعية، السعودية، 2009، ص496.

[54]- المرجع نفسه، ص503.

[55]- عباس محمود العقاد، اللغة الشاعرة، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1995، ص40.

[56]- يوسف وغليسي، خطاب التأنيث، ص101. 

[1]- ابن منظور، لسان العرب، المجلد4، الجزء26، دار صادر، بيروت، 2005. ص2273.


العودة الى المقال السابق اضغط هنا 

الانتقال الى تكملة المقال اضغط هنا 



تعليقات

التنقل السريع